3- الخلاف في ( فُلُ ) ( )
فلانٌ وفلانة ٌ مضمومتين كناية عن أسمائنا للذكر والأنثى ، والفلان ، والفلانة بـ : (أل) كناية عن غيرنا من البهائم ، تقول العرب : ركبتُ الفُلانَ ، وحلبتُ الفلانةَ .( )
وقد اختلف النحاة في فُلُ :
فذهب البصريون ( ) ، وسيبويه ( ) : إلى أنه اسم مختص بالنداء وليس ترخيماً لفلان ( ) ، وهو اختيار الزيداني ( ) .
وذهب الكوفيون ( ) ، والفراء ( ) : إلى أنه ترخيم لفلان على غير قياس ( ) .
وذهب الشلوبين ( ) ، وابن عصفور ( ) ، وصاحب البسيط ( ) ، وابن مالك ( ) : إلى أن فُلُ ، وفُلَة ُ كناية عن العلم نحو زيد ، وهند بمعنى فلان وفلانة ( ) .
وقد ذكر مظهر الدين الزيداني هذا الخلاف قائلا ً :
" وقولهم في النداء : " يا فُلُ " ليس بترخيم عند سيبويه ، بل هو حذف شاذ للتخفيف ، ولو كان ترخيماً لقيل : " يا فلا " بحذف النون دون الألف ، كيلا يبقى بعد الترخيم أقل من ثلاثة أحرف ، و " فلان " منصرف ؛ لأن الألف والنون ليسا بزائدتين ، بل هو اسم موضوع هكذا .
مذهب الكوفيين : أنه ترخيم لـ " فلان " على غير قياس ، ولذلك قالوا : ولا يقال : " يا فلا خذ عني " على القياس .( )
دراسة المسألة دراسة تفصيلية :
المذهب الأول :
قولهم في النداء : " يا فُلُ " ليس بترخيم ، وإنما هو اسم مخفف عن فلان ، بالحذف كـ " دم " ( ) ، وهذا مذهب البصريين ( ) ، ومنهم سيبويه ( ) ، والمبرد ( ) ،
ونسب لابن مالك ( ) ، وهذا المذهب هو اختيار الزيداني ( ) .
قال سيبويه :
" وأما قول العرب : يا فُلُ أقبل ، فإنهم لم يجعلوه اسماً حذفوا منه شيئاً يثبت فيه في غير النداء ، ولكنهم بنَوا الاسم على حرفين ، وجعلوه بمنزلة " دم " ( ) .
قال المبرد :
" ومنها قولهم : يا فُلُ أقبل ، وليس بترخيم فلان ، ولو كان كذلك لقلت : يا فلا ، ومما يزيده إيضاحاً أنك تقول : يا فلة أقبلي . " ( )
أدلة المذهب الأول :
1- الدليل على ذلك أنه ليس أحد يقول : يا فُلَ ، فإن عنوا امرأة ً قالوا : يا فُلَة ُ ، وهذا الاسم اختُصَّ به النداء ، وإنما بني على حرفين ؛ لأن النداء موضعُ تخفيفٍ ، ولم يجز في غير النداء ؛ لأنه جعل اسماً لا يكون إلا كناية لمنادى ، نحو : يا هناه ، ومعناه : يا رَجُلُ ، وأما فلان فإنما هو كناية عن اسم سمي به المحدَّث عنه خاص غالب ( ) ، وقد اضطر الشاعر فبناه على حرفين في هذا المعنى ، قال أبو النجم ( ):
فِيْ لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فـُل ِ ( )
ومنه قول الكميت ( ) :
وَجَاءَتْ حَوَادِثُ فِي مِثْلِهَا يُقَالُ لِمِثْلِيْ وَيْهَاً فُلُ ( )
1- يدل على أنه ليس ترخيماً لفلان ، أنه لو كان ترخيما لوجب أن يقال : يا فلا ، بإثبات الألف ، كما يقال : في عِمَاد : يا عِمَا ، ولجاء على الأصل في بعض المواضع فيقال : " يا فلان " ، فدل ذلك على أنه ليس بمرخم . ( )
المذهب الثاني :
قولهم في النداء : " يا فُلُ " هو ترخيم لفلان على غير قياس ( ) ، وهذا مذهب
الكوفيين ( ) ، والفراء ( ) ، ونسب لابن مالك ( ) .
قال ناظر الجيش ( ) :
" ومذهب الفراء باطل ؛ لأن أقل ما يبقى عليه الاسم بعد الترخيم ثلاثة أحرف ، فلو كان ترخيم فلان ؛ لقيل : يا فلا ، ولجاء على أصله في بعض المواضع فكان يقال : يا فلان ." ( )
المذهب الثالث :
ذهب الشلوبين ( ) ، وابن عصفور ( ) ، وضياء الدين ابن العلِج ( ) ، وابن مالك ( ) ، وولده : إلى أن فُلُ ، وفُلَةُ كناية عن العلم ، نحو : زيد وهند ، بمعنى فلان ، وفلانة ( ) .
قال ابن عصفور :
" وأما فُلُ فهو كناية عن علم ، ولا يستعمل أبداً إلا في النداء ، إلا في ضرورة شعر كقوله :
فِيْ لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فـُل
وتقول للمؤنثة : يا فُلة ". ( )
قال ابن مالك :
" يقال في النداء : يا فُلُ للرجل ، ويا فُلة للمرأة ، بمعنى يا فلان ، ويا فلانة ، وهما الأصل ، ولا يستعملان منقوصين في غير النداء إلا في ضرورة كقول الراجز:
فِيْ لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فـُل ( )
قال الشيخ خالد الأزهري ( ) :
" ولم يذكر ابن مالك ذلك صريحاً ، وإنما لزم من قوله : " ويقال : يا فُلُ للرجل ، ويا فُلة للمرأة ، بمعنى يا فلان ، ويا فلانة . "
فظاهر أن " فل ، فلة " كناية عن علم من يعقل لأنه جعلهما بمعنى : يا فلان ، ويا فلانة ، وهما كنايتان عن علم من يعقل . " ( )
واعترض ابن هشام ( ) على هذا المذهب قائلاً :
" منها فُلُ ، وفُلةُ ، بمعنى رجل ، وامرأة ، وقال ابن مالك وجماعة : بمعنى : زيد ، وهند ونحوهما ، وهو وهم ؛ وإنما ذلك بمعنى فلان ، وفلانة ، وأما قوله :
فِيْ لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فـُل
فقال ابن مالك : هو فل الخاص بالنداء استعمل مجرورا للضرورة .
والصواب : أن أصل هذا " فلان " ، وأنه حذف منه الألف والنون للضرورة " . ( )
ويرد عليه الأزهري قائلا :
" والحق أن ما قاله ابن مالك مبني على أن أصل " فل ، وفلة " فلان ، وفلانة ، وهو مذهب الكوفيين ، وقد صرح بذلك فلا وهم إلا على قول ابن عصفور ، فإنه لا يقول : إن أصلهما فلان وفلانة . " ( )
قال الأشموني ( ) عن ابن مالك :
" فقد وافق الكوفيين في أنهما كناية عن العلم ، وأن أصلهما فلان ، وفلانة ، وخالفهم في الترخيم ." ( )
قال الصبان ( ) :
" الفرق بين هذا المذهب ومذهب الكوفيين ، مع أنهما كنايتان عن العلم عند الكوفيين أيضاً : اعتبار الترخيم عندهم دون الشلوبين ومن معه ." ( )
موقف الزيداني :
رجح مظهر الدين الزيداني مذهب سيبويه ترجيحاً ضمنياً من خلال تقريره مذهب سيبويه والاستدلال له حيث قال :
" وقولهم في النداء : " يا فُلُ " ليس بترخيم عند سيبويه ، بل هو حذف شاذ للتخفيف ، ولو كان ترخيماً لقيل : " يا فلا " بحذف النون دون الألف ، كيلا يبقى بعد الترخيم أقل من ثلاثة أحرف ، و " فلان " منصرف ؛ لأن الألف والنون ليسا بزائدتين ، بل هو اسم موضوع هكذا . " ( )
رأي الباحث :
أرى أن مذهب سيبويه القائل بأن " فُل " ليس ترخيما لفلان ، بل هو حذف شاذ للتخفيف ، أولى بالقبول وأرجح ؛ وذلك لأنه لو كان ترخيماً لقيل فيه : فُلا " ولما قيل في التأنيث : فُلَةُ ، ولما اختص بالنداء . ( )
فلانٌ وفلانة ٌ مضمومتين كناية عن أسمائنا للذكر والأنثى ، والفلان ، والفلانة بـ : (أل) كناية عن غيرنا من البهائم ، تقول العرب : ركبتُ الفُلانَ ، وحلبتُ الفلانةَ .( )
وقد اختلف النحاة في فُلُ :
فذهب البصريون ( ) ، وسيبويه ( ) : إلى أنه اسم مختص بالنداء وليس ترخيماً لفلان ( ) ، وهو اختيار الزيداني ( ) .
وذهب الكوفيون ( ) ، والفراء ( ) : إلى أنه ترخيم لفلان على غير قياس ( ) .
وذهب الشلوبين ( ) ، وابن عصفور ( ) ، وصاحب البسيط ( ) ، وابن مالك ( ) : إلى أن فُلُ ، وفُلَة ُ كناية عن العلم نحو زيد ، وهند بمعنى فلان وفلانة ( ) .
وقد ذكر مظهر الدين الزيداني هذا الخلاف قائلا ً :
" وقولهم في النداء : " يا فُلُ " ليس بترخيم عند سيبويه ، بل هو حذف شاذ للتخفيف ، ولو كان ترخيماً لقيل : " يا فلا " بحذف النون دون الألف ، كيلا يبقى بعد الترخيم أقل من ثلاثة أحرف ، و " فلان " منصرف ؛ لأن الألف والنون ليسا بزائدتين ، بل هو اسم موضوع هكذا .
مذهب الكوفيين : أنه ترخيم لـ " فلان " على غير قياس ، ولذلك قالوا : ولا يقال : " يا فلا خذ عني " على القياس .( )
دراسة المسألة دراسة تفصيلية :
المذهب الأول :
قولهم في النداء : " يا فُلُ " ليس بترخيم ، وإنما هو اسم مخفف عن فلان ، بالحذف كـ " دم " ( ) ، وهذا مذهب البصريين ( ) ، ومنهم سيبويه ( ) ، والمبرد ( ) ،
ونسب لابن مالك ( ) ، وهذا المذهب هو اختيار الزيداني ( ) .
قال سيبويه :
" وأما قول العرب : يا فُلُ أقبل ، فإنهم لم يجعلوه اسماً حذفوا منه شيئاً يثبت فيه في غير النداء ، ولكنهم بنَوا الاسم على حرفين ، وجعلوه بمنزلة " دم " ( ) .
قال المبرد :
" ومنها قولهم : يا فُلُ أقبل ، وليس بترخيم فلان ، ولو كان كذلك لقلت : يا فلا ، ومما يزيده إيضاحاً أنك تقول : يا فلة أقبلي . " ( )
أدلة المذهب الأول :
1- الدليل على ذلك أنه ليس أحد يقول : يا فُلَ ، فإن عنوا امرأة ً قالوا : يا فُلَة ُ ، وهذا الاسم اختُصَّ به النداء ، وإنما بني على حرفين ؛ لأن النداء موضعُ تخفيفٍ ، ولم يجز في غير النداء ؛ لأنه جعل اسماً لا يكون إلا كناية لمنادى ، نحو : يا هناه ، ومعناه : يا رَجُلُ ، وأما فلان فإنما هو كناية عن اسم سمي به المحدَّث عنه خاص غالب ( ) ، وقد اضطر الشاعر فبناه على حرفين في هذا المعنى ، قال أبو النجم ( ):
فِيْ لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فـُل ِ ( )
ومنه قول الكميت ( ) :
وَجَاءَتْ حَوَادِثُ فِي مِثْلِهَا يُقَالُ لِمِثْلِيْ وَيْهَاً فُلُ ( )
1- يدل على أنه ليس ترخيماً لفلان ، أنه لو كان ترخيما لوجب أن يقال : يا فلا ، بإثبات الألف ، كما يقال : في عِمَاد : يا عِمَا ، ولجاء على الأصل في بعض المواضع فيقال : " يا فلان " ، فدل ذلك على أنه ليس بمرخم . ( )
المذهب الثاني :
قولهم في النداء : " يا فُلُ " هو ترخيم لفلان على غير قياس ( ) ، وهذا مذهب
الكوفيين ( ) ، والفراء ( ) ، ونسب لابن مالك ( ) .
قال ناظر الجيش ( ) :
" ومذهب الفراء باطل ؛ لأن أقل ما يبقى عليه الاسم بعد الترخيم ثلاثة أحرف ، فلو كان ترخيم فلان ؛ لقيل : يا فلا ، ولجاء على أصله في بعض المواضع فكان يقال : يا فلان ." ( )
المذهب الثالث :
ذهب الشلوبين ( ) ، وابن عصفور ( ) ، وضياء الدين ابن العلِج ( ) ، وابن مالك ( ) ، وولده : إلى أن فُلُ ، وفُلَةُ كناية عن العلم ، نحو : زيد وهند ، بمعنى فلان ، وفلانة ( ) .
قال ابن عصفور :
" وأما فُلُ فهو كناية عن علم ، ولا يستعمل أبداً إلا في النداء ، إلا في ضرورة شعر كقوله :
فِيْ لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فـُل
وتقول للمؤنثة : يا فُلة ". ( )
قال ابن مالك :
" يقال في النداء : يا فُلُ للرجل ، ويا فُلة للمرأة ، بمعنى يا فلان ، ويا فلانة ، وهما الأصل ، ولا يستعملان منقوصين في غير النداء إلا في ضرورة كقول الراجز:
فِيْ لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فـُل ( )
قال الشيخ خالد الأزهري ( ) :
" ولم يذكر ابن مالك ذلك صريحاً ، وإنما لزم من قوله : " ويقال : يا فُلُ للرجل ، ويا فُلة للمرأة ، بمعنى يا فلان ، ويا فلانة . "
فظاهر أن " فل ، فلة " كناية عن علم من يعقل لأنه جعلهما بمعنى : يا فلان ، ويا فلانة ، وهما كنايتان عن علم من يعقل . " ( )
واعترض ابن هشام ( ) على هذا المذهب قائلاً :
" منها فُلُ ، وفُلةُ ، بمعنى رجل ، وامرأة ، وقال ابن مالك وجماعة : بمعنى : زيد ، وهند ونحوهما ، وهو وهم ؛ وإنما ذلك بمعنى فلان ، وفلانة ، وأما قوله :
فِيْ لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فـُل
فقال ابن مالك : هو فل الخاص بالنداء استعمل مجرورا للضرورة .
والصواب : أن أصل هذا " فلان " ، وأنه حذف منه الألف والنون للضرورة " . ( )
ويرد عليه الأزهري قائلا :
" والحق أن ما قاله ابن مالك مبني على أن أصل " فل ، وفلة " فلان ، وفلانة ، وهو مذهب الكوفيين ، وقد صرح بذلك فلا وهم إلا على قول ابن عصفور ، فإنه لا يقول : إن أصلهما فلان وفلانة . " ( )
قال الأشموني ( ) عن ابن مالك :
" فقد وافق الكوفيين في أنهما كناية عن العلم ، وأن أصلهما فلان ، وفلانة ، وخالفهم في الترخيم ." ( )
قال الصبان ( ) :
" الفرق بين هذا المذهب ومذهب الكوفيين ، مع أنهما كنايتان عن العلم عند الكوفيين أيضاً : اعتبار الترخيم عندهم دون الشلوبين ومن معه ." ( )
موقف الزيداني :
رجح مظهر الدين الزيداني مذهب سيبويه ترجيحاً ضمنياً من خلال تقريره مذهب سيبويه والاستدلال له حيث قال :
" وقولهم في النداء : " يا فُلُ " ليس بترخيم عند سيبويه ، بل هو حذف شاذ للتخفيف ، ولو كان ترخيماً لقيل : " يا فلا " بحذف النون دون الألف ، كيلا يبقى بعد الترخيم أقل من ثلاثة أحرف ، و " فلان " منصرف ؛ لأن الألف والنون ليسا بزائدتين ، بل هو اسم موضوع هكذا . " ( )
رأي الباحث :
أرى أن مذهب سيبويه القائل بأن " فُل " ليس ترخيما لفلان ، بل هو حذف شاذ للتخفيف ، أولى بالقبول وأرجح ؛ وذلك لأنه لو كان ترخيماً لقيل فيه : فُلا " ولما قيل في التأنيث : فُلَةُ ، ولما اختص بالنداء . ( )